Monday, June 8, 2020

أُم ذِمّة


حكاوينا
أُم ذِمّة
عبدالرحيم محمد صالح

الصورة:  صور قوقل

 الصورة:  صور قوقل

عندما هام وأكثر من ترديد اغاني الغرام "أنا كُلّ ما أشوف لي عروسة قاعدي مجرتقة" نصحه أهله بأن "يكوس الضُلعة الرايحة" ليكمل نصف دينه  فيشقى أو يرتاح. قال في نفسه سأبحث في مشيخة أبي عن بنت تناغمني وتنظر إلى وجهي وتتحدث معي، فأن وجدتها فستكون تلك هي زوجتي وشريكة حياتي فتسد فراغ صدري! ركب ناقته "أم ذِمّة"  وحمل زاده وسلاحه وخرج في سبيل امراة ينكحها، سار الدروب والطرقات وكان كلما رأى بنتاً وقبل أن يبدأ بالسلام "تتبلم" بطرحتها أو تغطى وجهها وتترك له جادة الطريق وإن حاول التحدث أو التحايل بالسؤال اسرعن الخطى بعيداً عنه. ظل شهراً بالتمام والكمال يبحث عن بنتٍ تناغمه! بل  كانت منهن من تركض خوفاً ليقينها إنّ من الرجال الغرباء من يبني بيتا يكون مهبطا للراحة والسعادة والإلفة والسكون ومنهم من يبني سجناً للحياة ومستقراً للجحيم والإذلال؛ فنشأن في تلك الديار والواحدة  لها حدس أقوى من حواس الكلاب البوليسية تستطيع أن تقرأ ما خلف العمم والجلابيب!
كاد أن ييأس من كثرة البحث ومن تكرار محاولاته التي كان يرجع منها خالي الوفاض لولا أنه لمح أحدى البنات، لم تتجاوز العشرين، في حالة البؤس والشقاء، تملأ الحوض لتسقى أغنامها جوار عدٍ قريب! ذهب إليها مسرعاً قائلاً " يا بِت هوي ، اسقي أم ذِمّة" نظرت إليه نظرة البت الفارسة قائلة " أُم ذِمّة ترقُد رِمّة ويتقسموها الإِمّة، مالَك محنن؟ ما تنزل تنشل تسقي ناقتك براك؟" قال في نفسه "لقيتا ، لقيتا تب"، نزل وحكى لها أمر خروجه بحثاً عن زوجة تناغمه ولاتخشاه! فقالت له سيكون عُرسي من ابن عمي بعد ثلاث ليال" قال لها "ياخسارة، كنت داير اتقدم ليك"؛ قال له  الحِلّة فيها امراة عجوز  تقدر تخلي ود عمي يخليني من العرس لتتزوجني أنت". قالت إذهب إلى العجوز واستعين بدهائها ومكرها. ذهب صاحبنا إلى العجوز وحكى لها الأمر، قالت له العجوز دع الأمر لي فقط عليك أن تحضر بناقتك يوم المناسبة "ساعة الدِّهن"، سألها محتاراً أو لن يكون ذلك متأخراً؟ قالت له العجوز "ماشغلك" تعال "ساعة الدِّهن"، جاء ساعة الدِّهن على ناقته وكان العريس والعروس على برش السرو لبدء طقوس الدهن والجرتق، وقف هو قبالة العروس الجالسة وبجانبها العجوز مواجهاً لهما حتى اصبحت في مرمى نظره ونظر إلى قدميها الحافيتين حتى كاد أن يري انعكاس ألوان ضفيرة البرش المُتَفّت على بشرة ساقيها و ضربت أنفه روائح الدلكة والبخور والصندل فشعر وكان يقف في الهواء. صنقعت العجوز عاااااينت لصاحبنا وأطالت النظر ثم خاطبته سائلةً في صوت واضح سمعه الجميع: "الأمانة سيدها جاءها ما لقاها؟ تفرّست أخت العريس  وجه  صاحبنا الزائر الغريب ثم نظرت بدقة في وجه العجوز ثم إلتفتت إلى أخيها العريس قائلة له " هل فهمتَ كلمة  العجوز وعرفتا معناها ولللا قاعد متل أم بوحاً طلقوها لي جناها؟" رد العريس " أنا ماني أمبوحاً طلقوها لي جناها، حِرمت عليا واتحللت  على ال جاها"، بركت أم ذمة واضعة رأسها على الحُقّ، ردف صاحبنا العروس خلفه على أم ذمة والتي انطقت بهما كالسهم إلى بيت أهله. لكن الله وحده يعلم أن كان قد " أسعدها أم أشقاها".

No comments:

Post a Comment