ال
كَمْ كَمَّكُمْ"
(٤)
(بتصرف محدود)
ATU: To be
identified))
حقوق النشر والطبع محفوظة
عبدالرحيم محمد صالح
© Abdelrahim M Salih
يوصف
الجبان الذي لا يحسن التصرف بالرخمة وهو نسر مبقَّع (مبرقع) ببياض وسواد خاصة
الأجنحة والذيل فهو من نوع القُماميات رغم أنّه يشبه الجوارح
لذلك يأكل الجيف
ومايبقى من فرائس العقبان (العُقاب) والسباع، فلا يصيد لنفسه فهو أجبن من أن يغزر
مخالبه في حيوان حيّ.
نشأ وهو يسمع من أجدّاده وجدّاته أن "الرخمة قالت أنا أحسنُ من ثلاثة: ال
يعرس ويسكن مع نسابته (الاتكاليّ)، وال يمشي البحر ويرجع بجنابته (الخواف، قليل التدبير)،
ال يقعد في المجلس وبعدين يسأل رفاقته (قلة الشجاعة وخوف المواجهة)، فقرر
أن يبني ويسكن بعيداً عن ديار نسابته بعد زواجه، تزوج ابنة عمّه شيخ العشيرة، وصارح
عمه أنه يريد أن يعيش بعيداً خارج حدود الدار، فأعطاه عمه الفرس وقال
له "حدود داري ميس الحصان". أخذ سيفه وركب وانطلق بالحصان عدواً وعندما
اقترب من خشم الوادي ومخرج العقبة "اندرش" الحصان أي سقط مغشياً عليه فغرز سيفه
في ذلك المكان ثم "مَسَك اليوم" وحفر ساس بيته في
ذات المكان ليغرس جذوره
ويقيم ويشيّد منزله (بيت قيّاد) وزريبة الغنم ومراح الإبل عند مدخل الوادي بعيداً
عن الآخرين. شأنه شأن الرعاة يبدأ يومه "دَغش كُليدة" ويبدأ عمله
"صباح فاطني لـي أبوها"، يسوق إبله ويحمل زاده ويخرج في سميم الصحاري
وريحها التي تغرف الرمل من تحت أقدام الإبل
من وادٍ إلى آخر بحثاً عن الماء والكلأ ويعود في آخر اليوم لزوجته التي تعنتي
بالقليل من الماعز والنعاج قريبا من البيت
فتقضي يومها تطبخ وتحلب وتمخض (تخش اللبن) وتصر وتُرضِع
البَهَم وتَتُر وتغزل وتضفر وتطحن بالرحى مايحتاجونه لقوت يومهم.
كل
يوم في ساعة الأصيل قبيل وقت مغيب الشمس ترى رجلاً يركب على حمارٍ
"أزرق" دِنقريّ ( مكادي دميم) "يلَكْلِك" و"ينقرط"
على عجل، وما أن يأتي بالدرب قصاد البيت ناحية الشمال يلتفت جنوباً صوب البيت
ويقول "ال كَمْ كَمّكُمْ" ولا
يزيد! ويذهب في حال سبيله، ظل يكرر عبارة "ال
كَمْ كَمَّكُم" كل يوم. احتارت
الزوجة في أمره وأخطرت زوجها! أطرق زوجها قليلاً ثم قال لها، في مغرب هذا اليوم
عندما يقول لك "ال كَمْ كَمَّكُمْ" ردي له قائلة "الجفا مننا واللا
مِنَّكُم؟" وسأكون أنا مختبئاً في مكان قريب. جاء
صاحبنا وصاح صحيته الشهيرة فردت هي كما أوصاها زوجها "الجفا مننا واللا
مِنَّكُم؟"، نزل من حماره وربطه في مكان قريب وخفس يسرع الخُطى نحو البيت وما
أن وطئت قدمه مدخل البيت حتى سمع صوت "دوبيت" ورأى رجلاً على أحد
المَقايِيد (جمل فحل) "يكربت" قادماً نحو البيت. قال لها مذعوراً من
القادم؟ قالت له ويحك! إنّه زوجي سيقتلني ويقتلك! أدرك فداحة ما أقدم عليه، انتفض كمن لدغه عقرب وارتبك وخاف
سائلاً ماذا أفعل؟ قالت له تدثر بالفروة هذه وأختبئ وسط الخراف فسيظن زوجي أنك
خروفٌ من الخراف. وصل زوجها وقيّد الجمل ثم أخرج سكين الذراع (الضُراع) شحذها أي أسّنها
على طرف حجر المرحاكة ودخل بها زريبة النعاج قائلا أريد أن أجسّ هذه الخراف الليلة
لأعرف السمين من الغث، وربما ذبحت واحداً منها، ارتعدت أوصال صاحبنا وهو مدنقرٌ
تحت الفروة وسط الخراف، وقف خلفه ونخسه بطرف السكينة فصاح صاحبنا
"بآآاع" و ظلّ الزوج يتبعه بين الخراف بالطعن في
صلبه و بين الأوراك الأنواض
وفي استَه، نخسة
تلو نخسة ووخزة تلو وخزة وهبرة تلو هبرة ونَدَغة تلو ندغة وطعْناً
ليس بنافِذٍ
حتى أدمى صلبه كله وفي كل مرةٍ يصيح صاحبنا "بآآع"!
تركه نصف حي وانصرف إلى بيته!
خرج صاحبنا حبواً فهو لايستطيع المشي،
وانبطح على ظهر حماره المكادي لأنه لايستطيع الجلوس حيث ظل طريح الفراش ستة أشهر
ويزيد
.جاء ذات يوم بعد فترة
طويلة راكبا حماره
المكاديّ بنفس الدرب وظلت الزوجة ترقبه من داخل البيت عبر ثقوب القيّاد، وحين كاد
يفوت ولم يقل شئيا صاحت هي "ال كَمْ كَمَّكُمْ؟" فجاء رده سريعا دون
يلتفت " ال داير النَّخِس والبعِص يجي عندكم"
No comments:
Post a Comment